أسطورة إيكاروس
تحكي أسطورة يونانية قصة “إيكاروس“، الذي كان محتجزا و أباه في متاهة جزيرة “كريت” عقابا لهما من “مينوس“، ملك الجزيرة.
للهرب من عقاب مينوس، استعان الإثنان بأجنحة ثبّتاها على ظهريهما بالشمع.
أثناء هروبه من منفاه المتاهة، حلّق الإبن إيكاروس قريبا من الشمس، متجاهلا نصيحة والده، فهوى صريعا بعد ان أذابت أشعة الشمس الشمع المثبّت لجناحيه.
من هذه الأسطورة استنبط عنوان الفيلم: “ إ.. كإيكاروس”
يقوم مدّع عام بالتحقيق في مقتل رئيس دولة، فيواجه الكثير من المصاعب ، حيث يتعرّض كلّ شهوده للقتل دون ان يتوصّل للجاني.
I..As in Icarus فيلم للمخرج Henri Verneuil سنة 1979
بغض النظر عن قصة الفيلم ، التي تجسّد حكمة الأسطورة ، في كون الإقتراب من الحقيقة (الممثّلة في الشمس) يؤدي بصاحبه للهلاك، فإن الفيلم تطرّق أيضا لواحدة من تجارب علم النفس التي قادها ميليغرام مابين سنة 1960 و 1963 بجامعة ييل بالولايات المتحدة الأمريكية.
قام ميليغرام بدراسة اشكالية الطاعة عند الإنسان. إلى أي حد يمكن للإنسان أن ينصاع لسلطة يثق في مشروعيتها، فينقاد في طاعة عمياء ،حتى عندما تتعارض مع مبادئه و مُثُله.
تتلخص التجربة في مراقبة ردّ فعل شخص يطلب منه أن يطرح مجموعة من الأسئلة على آخرـ متواطئ مع العالم ـ، و يوقع به عقوبة ـ صعقات كهربائية متفاوتة الشّدّة ـ عند كلّ إجابة خاطئة (التفاصيل)
الغالبية العظمى تنصاع لتعليمات العالم، و تستمر في التجربة رغم صرخات ألم المشارك الآخر.
في المقطع الأول يتعرف المشارك على قواعد “اللعبة”. المقطع الثاني يظهر أحد المشاركين و قد استمر في الإستجابة للتعليمات إلى نهاية التجربة.
بغض النظر عن نتائج هذه التجربة ، و ما أثارته من ردود فعل وقتها حولها ، فإنني أخلص للإنطباع التالي:
أمر مثير للفزع أن ترى إلى أي مدى يمكن للإنسان أن يلغي عقله و ضميره فينصاع للوحشية تحت ضغط أيّ من المسميات ( الطاعة للسلطة، تطبيق القانون…)، دون أي محاولة لإعتراض أو إحتجاج .
الاكيد انه عند مشاهدتي لرد فعل المشاركين في التجربة، أستنكر و أستهجن، و أكاد أجزم أنني سأكون بالوعي الكافي لأرفض الانصياع لأوامر كتلك، في حال كنت من المشاركين، لكن هل الأمر فعلا بهذن البساطة؟ لا أظنني أكثر رحمة أو انسانية أو مثالية من أي من هؤلاء. فيالضعف النفس البشرية أمام مثيلتها ..
قصة رائعة وتجربة مثيرة والحقيقة فعلا الكلام يختلف اذا كان الفرد منا تحت التاثير