تدور هذه الأيام رحى الانتخابات البلدية الفرنسية و الصّراع محتدم بين مختلف التمثيلات السياسية. ففي حين يسعى اليمين الحاكم لامتصاص غضب المواطن الفرنسي و التّقليل من أهمية التراجع الشّعب للرئيس الفرنسي في استطلاعات الرأي. تقوم أحزاب اليسار بتعبئة صفوفها لحسم الجولة لصالحها.
نتائج الدّور الأول أعطت التّقدّم لليسار الفرنسي لكن النتيجة النّهائية ستحدّد نهاية الأسبوع الجاري. و هنا ستلعب التّحالفات خاصّة مع حزب “الحركة الديمقراطية” الوسطيّ دورا في ترجيح كفّة حزب دون آخر في عدد من الدّوائر الانتخابية و بالتالي تحديد لونها السياسي .
رغم كون هذه اللّعبة السياسية مرسومة الملامح ( بين يسار و يمين و وسط) ، الاّ أن هذا لم يثن بعض المواطنين “اللاّمنتمين” حزبيّا عن الانخراط فيها.
كان هذا حال “جون مارك رستو” ،أحد “متشرّدي” مدينة باريس الذي قرّر أن يمارس الحق الذي خوّله له القانون الانتخابي و قدّم ترشيحه لرئاسة المجلس البلدي بأحد دوائرها.
هذا المرشّح غير الاعتيادي تمكّن من حصد 3.73 % من الأصوات. رغم أن هذه النسبة لا تخوّل له الاستمرار في سباق الدّور الثاني، الاّ أنّه من خلال حملته كان يطمح لايصال صوت من لا صوت له من الفقراء و المشرّدين و معالجة مشاكلهم التي عاشها طيلة 30 سنة من حياة التشرّد في شوارع مدينته.
تأمّلت هذا المشهد من الحياة السياسيّة في هذا البلد و وجدت في قصّة “جون مارك” تجسيدا لمعنى المواطنة الحقيقي حيث يحقّ حتّى للمهمشين اجتماعيا الانخراط في الحياة السياسية . و يبقى هذا واحدا من الأمثلة عن الفرق بين ديمقراطيتنا و ديمقراطيتهم.
*** *** ***
أخونا “جون مارك” أعرب عن نيّته التقدّم للانتخابات المقبلة و تحقيق نتائج أفضل مستفيدا من تجربه. في انتظار ذلك عليه أن يبدأ أوّلا في تسديد الدّين الذي تراكم عليه جرّاء مصاريف حملته الانتخابية !